21‏/09‏/2013

أكاديمي في جامعة طيبة بالسعودية: شنقيط سبقت مصر في نهضة الشعر ...


أقام النادي الأدبي ، بالمدينة المنورة، ندوة أدبية بعنوان "أدب شنقيط: تجلياته وتصنيفاته".
وقد بدأت الندوة بتقديم شاعري للأستاذ محمد الشريف (يحيى بحيدة) رحب فيه بالحضور رجالا ونساءً ، وتحدث عن مكانة النادي الثقافية بالمملكة العربية السعودية، ولا سيما طيبة الطيبة ، ثم تحدث عن دور الشناقطة في الحجاز، علمائهم ومهاجريهم الأوائل الذين سطروا حضورا متميزا في مجال العلم والمعرفة، وذكر أن ذلك ما كان ليكون لولا تلك الصدور  الرحبة، والمعاملة الكريمة التي تلقوها من أهل الحجاز. ثم أحال الكلمة إلى الدكتور مختار الغوث الذي تحدث بعفوية و اقتدار، كعادته -حفظه الله- عن تاريخ  مسار الأدب في شنقيط مبينا أن المؤرخين اختلفوا في تحديد بداياته، فمنهم من أرجعها إلى القرن  الثاني عشر الهجري،  باعتبار أن هذا التاريخ هو الذي شهد اهتماما كبيرا بالأدب، ولا سيما الشعر، وإليه يعود ما عرف من بواكير الشعر الناضج. وانتقد هذا القول وقال إن الأدب، كغيره، لا يولد مكتملا، بل إن نضج الإنتاج في هذه المرحلة يدل على أن مسار الأدب ولا سيما الشعر، قد انطلق قبل ذلك بمدة طويلة، ثم تحدث عن تصنيفات الأدب التي عرفتها المنطقة من شعر ونثر، مذكرا بأن النثر قديما كان يشمل المكاتبات والرسائل الإخوانية والإجازات، ثم لحقت به المقامات، وفي العصر الحديث أضيفت إليه القصة القصيرة، ثم الرواية.
كما تحدث عن لون أدبي من النثر اختص به الموريتانيون دون سواهم متأثرين في ذلك بالنصوص الفقهية، وخاصة مختصر الشيخ خليل بن إسحاق المالكي، فظهر لديهم ما يعرف بأدب القف، وهو،في الأصل، المقدار الذي يحفظه الطالب كل يوم من مختصر الشيخ خليل، وهو مشتق من  فعل الأمر "قف". واستعمله الفقهاء في تعليقهم على ما يقرؤون من الكتب، فكانوا  يكتبون كلمة "قف" على هامش الكتاب مشيرين إلى الفقرة تحوي مسألة مهمة، تستحق التوقف. وانتقد الدكتور مؤرخي الأدب في العالم العربي عندما تجاهلوا الأدب الموريتاني أثناء دراستهم للنهضة الأدبية التي عرفتها المنطقة العربية و قال: لو أنصف هؤلاء  لقالوا إن نهضة الأدب العربي الحديث بدأت من شنقيط، ولم تبدأ من القاهرة، فقد سبق رواد الشعر في شنقيط رواد شعر النهضة في مصر إلى العودة بالأدب العربي إلى عصر القوة بعشرات السنين، فقد توفي محمد بن الطلبة مثلا والبارودي ابن ثامني عشرة وسنة، وقبل أن يولد أحمد شوقي بنحو من ثلاث عشرة سنة.

وقسم الدكتور الأدب الموريتاني إلى أدب قديم وأدب حديث، وقسم الشعر إلى مطبوع وغير مطبوع، يظهر فيه تكلف محاكاة القدامى، والتكثر من غريب اللغة، بشكل واضح. وقال إن الشعر الموريتاني عموما ظل يدور في فلك التقليد، كما أن الأدب الحديث شعرا ونثرا لم يسلم من الضعف اللغوي.
وكانت الورقة الثانية لدكتورة مباركه بنت البراء، أستاذة الأدب في جامعة محمد بن سعود التي ركزت فيها حول الأدب النسائي في موريتانية، وذكرت أنه، رغم البيئة الشديدة التحفظ التي كانت تمنع من ظهور المرأة شاعرة أو أديبة بشكل عام، فإن المرأة سجلت حضورا معتبرا في مجال الثقافة العالمة ولا سيما الشعر الفصيح، كما أن حضور المرأة في الثقافة الشعبية، ولا سيما الزجل (الشعر العامي) كان متميزا، فقد اخترعت منه نوعا يسمى "التبراع"، اختصت به دون الرجل، أمام اكتساح الرجل للمجالات الأدبية السائدة في المجتمع، مذكرة بأن المجتمع الموريتاني شأنه في ذلك كشأن المجتمعات العربية هو مجتمع ذكوري، ورغم الحرية التي تتمتع بها المرأة الموريتانية مقابل نظيرتها العربية فإن المجال الأدبي ظل من خصائص الرجل، وكان ولوج المرأة له يحتاج إلى جرأة وشجاعة، إن توفرت في بعضهن فهي لا تتوفر بالتأكيد في الغالبية . وذكرت الدكتورة بأن مصطلح "التبراع" مشتق من الفعل العربية تبرع أي وهب بلا مقابل،  كأن المرأة تقول إنني أهب وأتبرع بشعري هذا للرجل، ولا يهمني إن بادلني شعورا بشعور.
وقرأت الدكتور مباركة بعضا من النماذج الفصيحة وخاصة من بعض دواوينها مذكرة بأنها هي أول امرأة موريتانية تتحدى القيود الاجتماعية و تنشر ديوانا باسمها الصريح ، وضجت القاعة التي كانت قد غصت بالحضور بالتصفيق الحار أثناء قراءتها لبعض قصائدها .
ثم تناوب كل من الأستاذ  حسن دده المهدي و الأستاذ البكاي أحمد على المنصة ليقدم كل منهما مجموعة نماذج من إنتاجه، فكانت مشاركات الأستاذ المهدي شعرا بحتا، ومشاركة الأستاذ البكاي في مجال القصة القصيرة جدا. وقد أبدعا فيما قدما إبداعا بينا، كما بدا من ارتياح الحاضرين وما أظهروا من التصفيق  وصيحات الإعجاب والتقدير، وبعد انتهاء الندوة عبر كثير من الحاضرين عن ارتياحهم الشديد لهذه الندوة وتمنوا  أن يحتضن النادي الأدبي في المدنية المنورة ندوات أخرى في نفس المجال باعتبار أن الأدب الشنقيطي أدب متميز ويستحق أكثر من ندوة .