مـلفــــــــــات

أغرب حفل زواج في تونس!                                     تاريخ الإضافة: 07ـ11ـ2013

العريسان عائده ونادر

كانت العروس في كامل زينتها وأناقتها، وبجانبها عريسها يتبادلان نظرات الوله وابتسامات الشوق مع همسات ووشوشات، وبعد التوقيع على عقد الزواج بحضور الشهود وجمع من المدعوين ارتفعت زغاريد النسوة الحاضرات في الحفل؛ تعبيراً عن الفرحة بالحدث السعيد. غنى المغنون ووزعت الحلويات على الحاضرين، ومن بينهم من هم من علية القوم، فقد حضر والي (محافظ) بنزرت، وشخصيات أخرى إلى جانب الأهل والأصدقاء.
وعندما شارف الحفل على نهايته بعد أن تمت كل مراسم الزواج، وبعد تلقي التهاني ساعتها بالضبط ذهب العريس منصاعاً ومن تلقاء نفسه مباشرة من حفل زفافه إلى السجن، وعادت الزوجة ترفل في فستانها الأبيض مباشرة إلى بيت أهلها وهي سعيدة ومستبشرة! وليلة دخلتها نامت العروسة في بيت أهلها ونام العريس في زنزانته! ولم يثر ذلك استغراب أهل العريس أو دهشة أهل العروس أو حيرة المدعوين!
ووفقا لمجلة «سيدتي» التي التقت العروس ويداها مخضبتان بالحناء؛ لتكشف لنا «لغز» ما حصل وتروي سر ما وقع!تقول عايدة الطرابلسي، وهي اليوم في الثانية والثلاثين من العمر: إنها تعرفت إلى نادر منذ عشرة أعوام عندما كانت تعمل بائعة في مركز تجاري كبير بتونس العاصمة، ويوماً بعد آخر توطدت العلاقة بينهما وتحابا.
وعايدة، كما تتحدث عن نفسها، فتاة مكافحة وكادحة؛ لضمان لقمة عيش شريفة لها ولأمها، وقد واصلت تعليمها إلى مستوى البكالوريا «الثانوية العامة»، ورضيت بالعمل بائعة في مركز تجاري كبير.
ووفق ما ذكرته لنا فإن المصاعب التي اعترضت كلاً منهما في الحياة كانت عنصراً أساسياً في حصول التقارب العاطفي والإنساني بينهما، فنادر شاب يتيم الأبوين ومن وسط اجتماعي متواضع، ولم ينل نصيباً يذكر من التعليم والقاسم المشترك. والذي جمع بين نادر وعايدة هو إحساسهما معاً بأن حظهما في الحياة قليل.
رسائل
وبينما كانت عايدة تخطط مع نادر للمستقبل حصلت عام 2007 مأساة، فقد تم اعتقال نادر بتهمة خطيرة هي استهلاك المخدرات وترويجها، وحكمت عليه المحكمة بـ28 عاماً سجناً لكثرة القضايا التي تعلقت به.
حصلت لعايدة صدمة، واظلمت الدنيا في عينيها، لكنها قررت ألا تتخلى عن نادر، وأن تشد أزره في محنته؛ ليقينها بأنه ضحية ظروفه القاسية، ولأنها لا تمت له -رسمياً- بصلة قرابة فلم يكن مسموحاً لها، وفق القوانين المعمول بها، بزيارته في السجن، واكتفت بتبادل الرسائل معه مرتين كل أسبوع.
بعد أن مرت خمسة أعوام على سجن نادر جاء يوم تلقت منه رسالة يقترح فيها عقد القران عليها؛ لتصبح زوجته شرعاً، ويمكن لها بالتالي قانونياً زيارته في السجن، ومتابعة قضيته لدى الجهات المعنية لعله يظفر بمراجعة الحكم القضائي؛ ليقينه بأن الحكم كان قاسياً.
وتضيف عايدة: نادر وهو اليوم في السادسة والثلاثين من العمر رجاها أن تفكر جيداً قبل اتخاذها موقفاً بالرفض أو القبول، مشدداً على أنه لا يطلب شفقتها بل إنه يأمل بحنانها وحبها. ولأن عايدة تحبه فعلاً، وتريد الارتباط به فقد قبلت طلبه، تقدمت بمطلب إلى إدارة السجون؛ للترخيص لها لمقابلة نادر وزيارته والإعداد لعقد القران عليه، وتؤكد عايدة أنه تم بصفة استثنائية الاستجابة لمطلبها، وبعد خمس سنوات من الفراق والغياب تمكنت من رؤيته في سجن «الناظور» بمحافظة «بنزرت».
لم يكن أمراً يسيراً لعايدة إقناع أمها وإخوتها وبقية أفراد أهلها باعتزامها عقد قرانها على رجل محكوم عليه بـ28 عاماً سجناً، وبعد أن التقت أمها نادراً في السجن ومدير السجن الذي أثنى على سلوكه وافقت.
الحفل
بعد موافقة إدارة السجن بصفة استثنائية على عقد القران بدأت عايدة بإحضار الوثائق الإدارية اللازمة لكتب «الكتاب»، وتم تحديد يوم 25 يونيو (حزيران)؛ لإقامة حفل الزواج.
تقول: «لم تكن إمكاناتي المادية تسمح لي بإعداد كل مستلزمات حفل الزواج، فقد انتهى عملي في المركز التجاري، وأصبحت شبه عاطلة ولكن صديقاتي ساعدنني على شراء خاتميْ الزواج وبعض المصاغ، وتولى صالون التجميل في الحي الذي أسكن فيه تزييني مجاناً، وتبرعت لي امرأة بثوب الزفاف.
وتضيف عايدة قائلة: «فوجئت ساعة وصولي مرفوقة بأهلي ومعارفي وصديقاتي بوجود موظفي السجن والمسؤولين الكبار، ووالي (محافظ) بنزرت في انتظاري بقاعة مطعم السجن الذي تمت تهيئته على شاكلة قاعة أفراح؛ ليحتضن مراسم عقد القران. كانت هناك أيضاً فرقة موسيقية وثلاثة مطربين غنوا على امتداد السهرة، وقد عزف لنا المحافظ بنفسه على الكمنجة؛ تعبيراً منه عن مشاركتنا فرحة العمر، وأهداني موقد طبخ كما وزعت إدارة السجن المشروبات على كل المساجين، وكانت كل تكاليف الحفل على حساب إدارة السجون، وهو ما يحدث للمرة الأولى في تونس.
الوسادة الخالية
ووفق التقاليد تمت قراءة الفاتحة بعد توقيع عقد الزواج، والدعاء للعروسين بحياة سعيدة وبالرفاه والبنين كما تم تقديم التهاني، وغمرت عايدة ساعتها مشاعر الفرحة ممزوجة بمشاعر الحزن؛ فهي سعيدة بزواجها والتخلص نهائياً من صفة «الآنسة»، وحزينة لأن زوجها سيتم اقتياده بعد الحفل إلى السجن، وستكون وسادته في غرفتها خالية. سألنا عايدة عن مهرها فقالت: إنه كان عشرة دنانير، وقد سجلها عدول الأشهاد في عقد الزواج.
ويبقى أمل عايدة في أن يتم تخفيف الحكم على نادر أو تمتعه بإطلاق سراح مشروط، وأن يتم يوماً في تونس الترخيص للمساجين بالخلوة الشرعية، على غرار ما هو معمول به في بعض الدول؛ لتتمكن من إنجاب طفل.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من اعلام لعصابة : القاضي محمد المصطفي ولد احمدولد محمدعبدي وكنز المخطوطات الثمين ..

يعد القاضي محمد المصطفي ولد أحمدو من علماء موريتانيا الكبار، ترجم له المختار ولد حامدن في موسوعته حياة موريتانيا، ضمن رجال مدرسة مسومة، إمام وخطيب جامع التقوي، الأمين العام لرابطة العلماء في كيفة، تولي القضاء في كنكوصة في ثمانينيات القرن الماضي، عرف بالتواضع والزهد.
أما نسبه فهو محمد المصطفي بن أحمدو، بن سيد المختار، بن محمد، بن عبدي، بن الطالب أحمد، بن محمد، بن عيسى بوب، بن محمد، بن بابا المصطف، بن باب أحمد، بن سيدي بو بكر (التائب من ذنوبه الأمسي) وأُمه المرأة الفقيه العابدة المربية: أمُ الخيري (يَايَّ) بنت شيخ محمود، وأمها آمنة (مامَّ) بنت أحمد بن بد الرزاق الأبييري (أهل أحمد الفالي)، وأم آمنة توت بنت سيدي أحمد لَحْبيب ولد أحميتِّ ولد الطالب أخيار، وأمها منت محمذن ولد اليدالي الحسني (إداب لحسن)، وهي امرأة عابدة كانت تحفظ القرآن الكريمة وتدرسه، وتحفظ الأربعين النووية، ومتونا في الفقه، والسيرة.
يملك القاضي مكتبة غنية ومنوعة تحتوي كتبا في شتي المعارف خاصة العلمية ومن بينها اكثر ستين مخطوطا فيها مخطوطات نوعية عن البيئة والطب، مبوبة في (بلو غرافيا) مشروع صيانة التراث من أعمال وزارة الثقافة الموريتانية 2004م، تحت عنوان (مقاطعة كيفة، بلدية انواملين، حاضرة القرد، مكتبة محمد المصطفي ولد أحمدو)
وهذه المخطوطات ف هي:

الرقم
المخطوطة
المؤلف
1
الدرة الفريدة فيما تزكو به العقيدة، ولعلها الدرة البيضاء
أحمد بن محمد الحاججي
2
تحفة الوليد في أحكام التجويد
أحمد بن محمد الحاججي
3
نظم لحقوق المعلم
أحمد بن محمد بن عبد الكريم عطاء الله الأسكندري
4
مغني طلاب المخترص عن التعب في تصحيح الطرر
أحمد بن محمد عينين بن أحمد بن الهادي
5
ارشاد القارئ والسامع علي الدرر اللوامع
أحمد بن محمود بن اعمر الإدوعيشي
6
نظم قوافي السور والفواصل
أحمد بن محمد عبد الله الأمسمي
7
كنز المعاني شرح حرز المعاني
ابراهيم بن عمر الجعبري برهان الدين
8
ضوء القبس في حرمة اللمس
ابراهيم بن محمد الأمين اللمتوني الملقب أباه
9
دليل الطلاب علي ما قصدوا من ظاهر الإعراب
الحاج بن السالك بن فحف الأمسمي
10
تحفة الأطفال بحل عقد لاميو الأفعال
الشيخ سيدي بن المختار بن الهيبة
11
مصباح الظلام في الفرق بين الكلمة والكلم والكلام
المختار بن ألما اليدالي
12
شرح وسيلة السعادة
المختار بن المحبوبي اليدالي
13
نظم وفيات الأعيان
المختار بن المحبوبي اليدالي
14
الجامع بين التسهيل والخلاصة المانع من الحشو والخصاصة
المختار بن سعيد بن بونا الجكني
15
الراقعة في تفسير الواقعة
امحمد ولد أحمد يورة الشمشوي العاقلي
16
معالم التنزيل
حسين بن مسعود بن محمد البظوي
17
الدقائق المحكمة بشرح المقدمة
زكرياء بن محمد بن أحمد الأنصاري
18
شرح نظم مكفرات الذنوب
سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي
19
يسر الناظرين في روضة النسرين
سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي
20
معين التلاميذ: شرح موجز علي الرسالة
سيدي عثمان بن أعمر بن سيداتي اليونسي
21
المنظومة القدسية
عبد الرحمن بن محمد الصغير بن محمد الأخضري
22
شرح السلم المرونق
عبد الرحمن بن محمد الصغير بن محمد الأخضري
23
الأنوار السنية علي الوظيفة الزروقية
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمان العياشي
24
قرة الأبصار
عبد العزيز اللمطي
25
نظم الرسالة
عبد الله بن أحمد بن الحاج حمي الله الشنقيطي الغلاوي
26
مغني اللبيب عن كتب الأعاريب
عبد الله بن يوسف بن أحمد بن هشام
27
المرشد المعين علي الضروري من علوم الدين
عبد الواحد بن أحمد بن علي، ابن عاشر
28
روض الحرون
عبد الودود بن حميه
29
الجواهر البهية في شرح السيرة النبوية
علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهوري أبو الإرشاد
30
أجوبة ابن أحمد زيدان
محمد الأمين بن أحمد زيدان الجكني
31
التلخيص شرح تكميل المنهج
محمد الأمين بن أحمد زيدان الجكني
32
نظم في الفقه: المقتل
محمد الأمين بن أحمد زيدان الجكني
33
نظم مكفرات الذنوب
محمد الأمين بن أحمد زيدان الجكني
34
تقريب المنافع في الطب
محمد الأمين بن الرباني القلاوي
35
العقائد الستة والستون
محمد صالح ولد عبد الرحمن بن سليم  الأوجلي
36
رسالة في أحكام الأستحقاق
محمد المصطفي بن الشيخ أحمد الجكني
37
فتاوي أخذ دين الفضة بالنحاس
محمد المصطفي ولد أحمدو محمد عبدي
38
وسائل وطرق ثبوت النسب (الأستلحاق)
محمد المصطفي ولد أحمدو محمد عبدي
39
نظم في التريخ
محمد مبارك اللمتوني
40
تفصيل الدرر
محمد بن أحمد بن محمد الفاسي بن غازي
41
بستان فكر المنهج في تكميل المنهج
محمد بن أحمد بن محمد عبد الله ، ميارة
42
بو اطليحية
محمد بن أعمر الغلاوي الشنقيطي المعروف بالنابغة
43
المثلث في اللغة
محمد بن المستنير أبو علي المعروف بقطرب
44
نظم أسماء الأشجار والنبات
محمد بن المصطفي
45
فتوحات ذي الرحمة والمنة شرح إضاءة الدجنة
محمد بن محمد المختار بن الأعمش العلوي الشنقيطي
46
شرح الرحبية
محمد بن أحمد بن محمد
47
وسيلة الجنان ومظهر الرحمة  والغرفران
محمد سالم بن المختار بن ألما اليدالي
48
نظم في الفقه
محمد عبد الله بن الشيخ أحمد
49
كتاب التكملة في تاريخ اترارزة
محمد فال ولد باب العلوي
50
التلخيص
محمد مولود بن أحمد فال اليعقوبي
51
شرح محارم اللسان
محمد مولود بن أحمد فال اليعقوبي
52
شرح نظم مطهرة القلوب
محمد مولود بن أحمد فال اليعقوبي
53
كشف الحجاب عن مأدبة الأنداب
محمد مولود بن أحمد فال اليعقوبي
54
منظومة الظفر  في البر بالآباء والأجداد وشرحها
محمد مولود بن أحمد فال اليعقوبي
55
الحكم الشرعي في واقعة بين التراد ولد الحضرامي ويداس
محمد يحي بن محمد المختار بن الطالب عبد الله الولاتي
56
نظم علي الهاء
محمد يحي بن محمد المختار بن الطالب عبد الله الولاتي
57
الميسر
محنض بابه بن اعبيد الديماني
58
التوضيح في التداخل لنافع فيما خفي وينجلي
مولاي عبد المالك
59
المعين شرح خليل
والد المصطفي بن خالنا
60
الأربعون للنووي
يحي بن شرف بن مري النووي
61
نظم علي فساد النكاح
مجهول
62
نظم عروض الشعر
مجهول

 ونعد جمهور القراء الكرام المهتمين بالشخصيات الوطنية و العلمية  بإجراء مقابلة مع القاضي محمد المصطفي ولد أحمدو، عن تجربته في القضاء وخصوصا (فترته في محكمة كنكوصة) والمحكمة الجنائية في كيفة، وعن المخطوطات، ومسيرته العلمية. 
مدونة كنكوصة

 

 

 

 

منطقة لعصابه في الصحافة الفرنسية.. وثائق تاريخية غير منشورة

تاريخ الإضافة: 09 ـ 09 ـ 2013

سيدي أحمد ولد الأمير باحث موريتاني مقيم بقطر

 


عندما تطلع على البيانات الاستخبارية (fiches de renseignement) أو قصاصات الجرائد أو التقارير التي كتبها الفرنسيون عن منطقة العصابة تجد نفسك أمام كم هائل من المعلومات التي، وإن كان كتبها المستعمر لغايات السيطرة وأهداف الهيمنة، تبقى مفيدة وفيها من التوثيق والأخبار ما لا يوجد في غيرها.
الجرائد الفرنسية: إخضاع العصابة تأمين لمنطقة الساحل
كان لمنطقة العصابة حضور قوي وفاعل ومؤطِّر في الأحداث المتلاحقة التي تلت دخول الاستعمار الفرنسي إلى موريتانيا بداية القرن العشرين.

الصورة الأولى: تقريري استخباري عن قرية كيفه وسكانها الأولين.
كانت كيفه قبل أن تكون عاصمة الولاية قرية صغيرة وأكواخا متناثرة في أحد أودية الرگيبه الخصبة وتسكنها بعض الجماعات المتنوعة ويتولى تسيير شؤون القرية العامة الزعيم التقليدي يوبا سيلا رحمه الله. وينتمي يوبا سيلا –كما يقول تقرير استخباري فرنسي- لمجموعة الساركولي وهو في الأصل من نيورو. وقد جاء الفرنسيون سنة 1906 لمنطقة كيفه، حسب التقرير، والسيد يوبا شيخ مسن، وكان متولي شأن القرية ابنه التجاني سيلا، وقد عرف عن أسرتهم أنها أسرة فضل وقضاء كما في التقرير.

لصورة الثانية: جريدة لوتان الفرنسية (Le Temps) العدد 16625 الصادر بتاريخ 28 ديسمبر 1906.
وجد الفرنسيون في قرية كيفة مكانا استراتيجيا مناسبا للسيطرة على العصابة وعلى ما جاورها من مناطق موريتانية وذلك لحماية جنودهم من ضربات المقاومة؛ فأسسوا بالقرب من تلك القرية الوادعة مكانا سيصبح مدينة كيفه اليوم. تابعت صحيفة لوتان الفرنسية (Le Temps) في عددها الصادر يوم 28 ديسمبر 1906 هذا الحدث المتعلق بتمركز الفرنسيين في منطقة العصابة وترسيخ أقدامهم على أرضها واختيارهم لكيفه مقرا ومركزا؛ حيث كان أول ضابط فرنسي يحل بذلك المكان ويضع الحجر الأساس للوجود العسكري الفرنسي هو الرائد أرنو (CommendantArnoud) الذي وضع أساس أول حامية عسكرية فرنسية بالمدينة الجديدة. وتتحدث الجريدة في نفس التقرير الإخباري أن فصيلا هاما من قبيلة أهل سيدي محمود قد كاتب الفرنسيين، ونفس الشيء بالنسبة لبعض فصائل قبيلة السواكر.
لكن ما قام به الرائد أرنو لم يرق لساكنة العصابة الذي هبوا لطرد الغزاة المستعمرين، وقد غطت الصحافة الفرنسية هذه الهبة القوية ومن ذلك ما جاء في صحفة لا كروا (La Croix) الصادرة بتاريخ 20 أكتوبر 1907 حين تحدثت عن قيام ثورة عارمة ضد الوجود الفرنسي بالعصابة مما دعا الفرنسيين لاستنهاض كتيبة من الرماة السنغاليين يقودها الضابط الفرنسي "فاجو" فانطلقت من خاي بمالي نحو كيفه لإخماد الثورة. لكن الجريدة لم تجد بعد تفاصيل ما وقع.

الصورة الثالثة: جريدة جورنال دي ديبا الفرنسية (Journal des Debats)العدد 99 الصادر بتاريخ 14 أبريل 1909.
ويبدو أن الفرنسيين لم يثبت لهم قدم بالعصابة وظل وجودهم بها مهزوزا ومحاطا بكثير من التخوش والترقب، فالمطالع للصحف الفرنسية في تلك الفترة لا يعدم خبرا هنا أو تقريرا هناك يتحدث عن المجابهة مع الفرنسيين وبين ساكنة العصابة، تلك المجابهة التي باتت حاضرة بقوة في الإعلام الفرنسي: ذكرت صحيفة لا لانترن (La Lanterne) الصادرة بتاريخ 8 نوفمبر 1908أن الحاكم الفرنسي في الحوض كلوزيل (Clozel) لاحظ بعد جولة قادته لمناطق عديد في شرق موريتانيا وفي مالي أن هنالك أمنا مستتبا في جميع الأرجاء ما عدا منطقة العصابة حيث يوجد غليان ضد فرنسا. وتزعم الصحيفة أن الحامية الفرنسية الموجودة بكيفة كفيلة بالتصدي لكل الاحتمالات.

الصورة الرابعة: جريدة لوماتان الفرنسية (Le Matin) العدد 9949 الصادر بتاريخ 25 مايو 1911.
ولم تكن سنة 1909 مختلفة عن سابقاتها فقد ظلت العصابة قلعة حصينة ضد الأطماع الفرنسية وذلك ما تؤكده الصحافة الفرنسية المتابعة لكل ما يحدث في موريتانيا عموما وما يقع في العصابة بشكل خاص: فعن أخبار المقاومة التي كانت تخطط وتنفيذ عملياتها انطلاقا من العصابة ومن منطقة كيفه بالذات نشرت جريدة "جورنال دي ديبا"(Journal des debats) في عددها 99 بتاريخ 14 أبريل 1909، أن الوالي الفرنسي العام بسينلوي هاتف باريس بخبر مفاده أن: الرائد موجو (Mougeot) حاكم مدينة كيفه الذي كان يقود كتيبة من الجمالة قد دخل فجأة يوم 11 مارس 1909 مخيما من قبيلة الأغلال حيث توجد مجموعة من رجال المقاومة الوطنية فوقعت مناوشات استشهد خلالها أربعون من الحي المذكور، ولم يمت أحد من جانب الفرنسيين حسب الجريدة. وقد وجد الرائد عند بعض الحي رسالة من الشيخ ماء العينين تحث قبيلة الأغلال على الجهاد.
وفي 20 من نفس الشهر أرغم الرائد مانجو حيا أحياء الأغلال يناهز ألف خيمة على النزول بحيه قرب مكاتب الإدارة وجعلهم تحت رقابة الجمالة كما يفهم مما ذكرت الجريدة.
كما توجد بكيفه –حسب التقرير- مجموعة مسلحة من المقاومين تزيد على 150 مسلحا لم يستسلموا بعد وأن الفرنسيين ينوون إخضاعهم وربما تم ذلك بدون خسائر تذكر كما تذكر الجريدة.
ويرى الولي العام أن إخضاع سكان العصابة سيكون له ما بعده بالنسبة لتهدئة وإخضاع موريتانيا بل ومنطقة الساحل عموما.
وخلال سنوات الاستعمار الأولى لم يهدأ للسكان بال فقد ظلت منطقة العصابة عصية على الفرنسيين وقد جعلوا على عاتق الفرقة العسكرية بكيفه حماية ما بين منطقة خاي بمالي وما بين غيرها من مناطق موريتانيا. فحسب جريدة لوماتان (Le Matin) الفرنسية في عددها 9949 الصادر بتاريخ 25 مايو 1911 فإن فرقة الجمالة الفرنسيين بمنطقة العصابة والتي تتكون من بعض الرماة السنغاليين ويقودهم الضابط الفرنسي دماسيز (Demassez) كانت في مهمة استطلاعية بمنطقة أفلة وتهدف إلى معرفة أماكن الانتجاع وتحديد الأودية الخصبة والقيعان المترعة ماء، فما فاجأهم إلا كتائب المقاومة وخصوصا مسلحين من مجموعة أهل احجور الإيديشلاوية متجهين نحو الزرافية (75 كلم جنوب كيفه). فتشابكت عناصر المقاومة مع الفرقة الفرنسية فسقط دماسيز (Demassez) صريعا على أرض المعركة ومعه سينغاليان اثنان. كما جرح الرقيب شفال (Sergent Cheval) وخمسة من الرماة السنغاليين. وتذهب جريدة لوماتان إلى أن هذه العملية –على جسامة الخسائر التي تكبدها المستعمر- لا يمكن إلا أن تكون عملية معزولة ولا يمكن أن تؤثر على المناطق الموريتانية الأخرى. وقد أوردت نفس الخبر وبصياغة مقاربة صحيفة لا لانترن (La Lanterne) في عددها الصادر بتاريخ 26 مايو 1911.
وإثر هذه المواجهات الدامية قررت الإدارة الفرنسية زيادة عدد الجمالة بالعصابة دون سواها من المناطق كما أورد صحيفة لوتان الصادرة بتاريخ 10 أغسطس 1911.
وسعيا إلى تأكيد مكانة كيفه بوصفها موقعا استراتيجيا في منقطة العصابة فقد ذكرت جريدة الحوليات الاستعمارية (AnnalesColoniales) الصادرة بتاريخ 23 مارس 1923 الخبر التالي: "بقرار من المحافظ العام لإفريقيا الغربية الفرنسية فقد تقرر جعل كيفه عاصمة دائرة العصابة بدل امبود".
شخصيات العصابة من خلال بعض التقارير الصحفية الفرنسية

الصورة الخامسة: وفاة البيضاوي باشا عن جريدة حياة موريتانيا (Vie Mauritanienne) الصادرة عن الإدارة الفرنسية في سينلوي، ديسمبر 1945.
ما كانت وفاة البيضاوي بن سيدي عبد الله بن أمانة الله الجكني الإديشفي الشهير في المغرب بلقبه "باشا تارودانتْ" في 16 ديسمبر 1945 بالغائبة عن الصحافة الفرنسية في عهد الاستعمار؛ فقد أعطت جريدة "الحياة الموريتانية" التي كانت تنشرها الإدارة الفرنسية بسينلوي مساحة مهمة لذكر وفاة البيضاوي باشا منوهة بمكانته ومعرفته، وبعلمه وأدواره الاجتماعية السياسية والأدبية. ترك البيضاوي منطقة العصابة مع دخول طلائع المستعمر الفرنسي لينضم في الشمال للمقاومة الوطنية. كان في تلك الفترة فتى عبقريا لامعا، وهو ينتمي إلى أسرة أهل أية الشهيرة من فخذ إديشف من قبيلة تجكانت. وقد تعلم في حيه وعلى أخواله وأخذ عن أبناء مايابى فصار عالما لا يجارى وفقيها لا يبارى وشاعرا فذا، وقد طار نجمه وعلا شأنه في المغرب وقربه السلطان المغربي عبد الحفيظ بن الحسن الأول. حج البيضاوي قبل إقامته في المغرب وقبل توليه القضاء هنالك فزار مصر والحجاز ومر بفرنسا، وقال أثناء رحلته الاستشفائية الباريسية تائيته الشهيرة التي تعتبر من عيون الشعر الموريتاني بل الشعر العربي:
لا تخش من شعرك المختارِ غيلتَهُ ۞ وانشر علي صحف التبليع رحلتَهُ
كان البيضاوي رحمه الله، المدفون بمقبرة باب أغمات بمراكش، عالما قاضيا سخيا أريحيا، وكان يجيد اللغة الفرنسية، وعن طريقها قرأ الكثير عن الفكر الغربي. يعد واحداً من أبرز أعلام الموريتانيين في القرن العشرين. وهو الذي يقول مخاطبا الفنان الكبير امحمد بن انكذي الشهير بالأعور وكان ذا صلع:
لَعَمرِي لقد خُضتُ القُرَى مِن كُناكِر ۞ وَجَاوزتُ أرضَ الصَّينِ بعد الجزائِرِ
وبالمغرِبِ الأقصَى دِيارِى ومنشئِي ۞ وسامرتُ أربَابَ الغِنَا والمزامِرِ
فما سمِعَت أذنِي ولم يَرَ ناظِرِي ۞ كذَا الأصلع المشهُورِ عن كلُّ شاعِرِ
وفي أحد أعداد مارس 1949 من نفس الجريدة نجد إشارة للبيضاوي باشا أيضا وذلك حين غطت هذه الجريدة توشيح التاجر الموريتاني الحاج محمد المختار ولد التومي الجكني الرمظاني المولود بكيفه سنة 1904 والذي كان من أبرز رجال الأعمال الموريتانيين في مدينة اللوكة بالسنغال وكان من العناصر الموريتانية الداعمة للنائب أحمدو ولد حرمة ولد ببانا.

الصورة السادسة: تكريم أحد رجالات العصابة عن جريدة حياة موريتانيا (Vie Mauritanienne) مارس 1949.
وتحدثت نفس الجريدة في أحد أعدادها (25 مارس 1950) عن زعيم أهل سيدي محمود: محمد الراظي وأحمد ولد عثمان ولد بكار زعيم اشراتيت ومحمد ولد عبد المالك الجكني الأشفاغي وغيرهم من شخصيات العصابة الوازنة وكيف تم توشيحهم وتكريمهم.
كما نجد في عدد هذه الجريدة الصادر في 2 مارس 1949 ذكرا لتكريم وتوشيح المختار بن حويا الجكني الإبراهيمي. وقد ولد المختار بن سيدي الامين بن حويه سنة 1915م وأخذ عن عدة مشايخ من علماء بلده واشتغل بالفتيا والقضاء والتدريس حتي سنة حين 1936 تقلد رئاسة أولاد إبراهيم إلي سنة 1954 فخرج مهاجرا إلي البلاد المقدسة حيث استقر بمكة المكرمة فكان يدرس في المدرسة الصولتية هنالك.
وتحدثت نفس الجريدة في أحد أعدادها (25 مارس 1950) عن زعيم أهل سيدي محمود: محمد الراظي وأحمد ولد عثمان ولد بكار زعيم اشراتيت ومحمد ولد عبد المالك الجكني الأشفاغي وغيرهم من شخصيات العصابة الوازنة وكيف تم توشيحهم وتكريمهم.
كما نجد في عدد هذه الجريدة الصادر في 2 مارس 1949 ذكرا لتكريم وتوشيح المختار بن حويا الجكني الإبراهيمي. وقد ولد المختار بن سيدي الامين بن حويه سنة 1915م وأخذ عن عدة مشايخ من علماء بلده واشتغل بالفتيا والقضاء والتدريس حتي سنة حين 1936 تقلد رئاسة أولاد إبراهيم إلي سنة 1954 فخرج مهاجرا إلي البلاد المقدسة حيث استقر بمكة المكرمة فكان يدرس في المدرسة الصولتية هنالك.

الصورة السابعة: تكريم عدد من رجالات العصابة عن جريدة حياة موريتانيا (Vie Mauritanienne) مارس 1950
ونجد تغطية إخبارية هامة لبعض الانتخابات التي أجراها الفرنسيون في العصابة والتي تم التنافس فيها بين مرشح "كتلة غورغول الديمقراطية" (le Bloc démocratique du Gorgol- BDG) البيطري سيدا محمان وهو من أصول مالية وبين مرشح التجمع التقدمي الموريتاني (Union progressistemauritanienne - UPM) محمد ولد دحود.

الصورة الثامنة: انتخاب مستشار لمنطقة العصابة وتكانت، عن جريدة حياة موريتانيا (Vie Mauritanienne).
ظلت منطقة العصابة بشخصياتها وأحداثها نقطة جذب للصحافة الفرنسية واهتمام بالغ من لدن الصحفيين الذين كانوا على تواصل مع الإدارة الفرنسية بسينلوي. من خلال الوثائق الفرنسية المتعلقة بالعصابة نلاحظ بسهولة أن هذه الإدارة كانت ترى أن هذه المنطقة التي تتوسط المجال الموريتاني هي بمثابة المجال الاستراتيجي الحيوي الذي تعتبر السيطرة عليه منطلقا للسيطرة على منافذ أخرى متصلة بهذا المجال. لذلك تعتبر هذه النصوص الصحفية والتقارير الإدارية ذات أهمية قصوى لمعرفة جزء من تاريخنا أحداثا وشخصيات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ